الشركات الناشئة: اتفاقيات أساسية بين المؤسسين - المحامي محمود ترابي
- Mahmoud Turabi
- 8 يوليو 2024
- 5 دقائق قراءة
تاريخ التحديث: 8 مارس

يُعد تأسيس شركة ناشئة رحلة مليئة بالتحديات والمغامرات، يواجه خلالها رواد الأعمال العديد من القرارات المهمة، مثل تحديد رؤية واستراتيجية الشركة، وتوزيع الأدوار والالتزامات، وضمان الحقوق القانونية والتعاقدية لكل مؤسس، ...إلخ.
ولضمان استقرار الشركة وحماية حقوق جميع الأطراف، فلا بد من إبرام اتفاقيات واضحة بين مؤسسي الشركات الناشئة منذ البداية؛ فيما يتعلق بطبيعة العلاقة بينهم والأدوار وما إلى ذلك.
في هذا المقال، نستعرض أبرز هذه الاتفاقيات، بدءاً من خطاب النوايا/مذكرة التفاهم، مروراً باتفاقية المساهمين، وصولاً إلى اختيار الشكل القانوني الأنسب للشركة الناشئة.
اتفاقيات مؤسسي الشركات الناشئة
أولاً: خطاب النوايا/مذكرة التفاهم
في العادة لا نوصي بتسجيل الشركة الناشئة في المراحل الأولى؛ فبعض الأفكار قد تبدو عظيمة في البداية، وما تلبث أن تتلاشى عظمتها بعد مزيدٍ من البحث والاختبار حول قيمة وفاعلية الفكرة، أو بعد دراسة السوق ووجود العديد من المعيقات. وفي الوقت نفسه قد تنمو الفكرة بشكل رائع ويُكتب لها النجاح حقاً، وعليه فإن صياغة خطاب النوايا/مذكرة التفاهم الأولية بين المؤسسين هو أمر غاية في الأهمية قبل الغوص عميقاً في غمار التأسيس والإعداد والبدء بتطوير المنتج أو الخدمة.
من المتوقع في المراحل الأولى من تطوير الفكرة، أن تُثار بعض التساؤلات بين المؤسسين، من قبيل ما هي رؤية واستراتيجية الشركة مستقبلاً؟ كيفية إدارتها؟ أدوار الشركاء؟ ...إلخ. هذه التساؤلات وغيرها، يجب الوقوف عليها قبل البدء بممارسة النشاط فعلياً، وتوثيقها بموجب اتفاقية تسمى عادةً "خطاب النوايا أو مذكرة التفاهم". ومع ذلك، ومن واقع الخبرة العملية نجد أن المؤسسين في الغالب لا يولون اهتماماً كافياً لهذه الأسئلة، ولا يضعون خططاً مستقبلية أو تحوطات في حال حدوث أي مشاكل أو عراقيل، بل يُرَكِّزون بحماس على تطوير المُنتج دون أخذ المسائل القانونية والتعاقدية بعين الاعتبار.
لماذا تُعد هذه الاتفاقية مهمة في البداية؟
في مرحلة الإعداد واختبار الفكرة وقبل تسجيل الشركة بشكل رسمي، قد يتم إجراء عدد من الأمور التحضيرية، مثل شراء وحجز نطاق (دومين)، أو تسجيل علامة تجارية، أو فتح حساب بنكي وما إلى ذلك. ففي هذه المرحلة، يمكن من خلال خطاب النوايا الاتفاق على تعهد المؤسسين بتسجيل مثل هذه الحقوق بأسمائهم بصفتهم الشخصية، إلى حين تأسيس الشركة ونقل ملكية هذه الأصول سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة إلى ذمة الشركة الناشئة بعد تأسيسها.
ولذا فإن وجود خطاب نوايا أو مذكرة تفاهم منذ البداية، سيسهم بشكل كبير في استمرارية الشركة ووحدة الرؤى والأهداف لدى المؤسسين.
ثانياً: اتفاقية المساهمين/حَمَلَة الأسهم
قبل تسجيل الشركة الناشئة رسمياً، وبعد اختبار فكرتها ونموذج أعمالها (Business Model)، وبعد أن يتأكد المساهمين من وحدة الرؤية والانسجام بينهم، فإن خطاب النوايا والالتزامات الواردة فيه والالتزامات اللاحقة عليه ينبغي توثيقها في اتفاقية أخرى ما بين المؤسسين، تُسمى (اتفاقية المساهمين/Shareholders' Agreement)؛ تُحدد فيها الحقوق والالتزامات التي ستنطوي على ملكية حصصهم في الشركة تفصيلاً. ويتضمن الاتفاق أيضاً تفاصيلاً عن العمليات التي يجب اتباعها في الشركة، وكيفية التعامل مع الأحداث المفصلية المتوقعة مثل الاستحواذ على الشركة، أو استقبال المِنَح المالية، والمشاركة في جولات الاستثمار، أو في حالة إغلاق الشركة أو انسحاب أحد المؤسسين.
ويثور السؤال حول الحاجة لاتفاقية المساهمين في ظل إمكانية وجود عقد تأسيس ونظام داخلي/اتفاقية إدارة للشركة؟ فمن الممكن تضمين عدد كافٍ من الشروط والواجبات والالتزامات في عقد تأسيس الشركة ونظامها الداخلي/اتفاقية الإدارة، أليس كذلك؟!
في الواقع، لا بد من التمييز ما بين "اتفاقية المساهمين"، و"عقد تأسيس الشركة ونظامها الداخلي/اتفاقية الإدارة"، حيث يُعتبر الأخير وثيقة رسمية ضرورية لتسجيل الشركة أمام مسجل الشركات/الجهات المختصة؛ وعليه فإن تضمين كافة الالتزامات والحقوق في عقد التأسيس أو نظام الشركة/اتفاقية الإدارة هو أمر صعب قانونياً كما أنه غير عملي لعدة أسباب منها، صعوبة توضيح كافة التفاصيل في عقد التأسيس؛ كما أن إضافة عدد كبير من الشروط إلى عقد التأسيس من شأنه أن يُعقِّد إجراءات العمل وأن يضع العراقيل مستقبلاً أمام المساهمين الجدد في الشركة أو المستثمرين؛ فضلاً عن أن عقد التأسيس والنظام الداخلي تعد من قبيل المعلومات العامة (Public Information) -في العديد من الدول- والتي يمكن لأي شخص معني الاطلاع عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العديد من شروط اتفاقية المساهمين قد تكون سرية بين الشركاء فقط. وإجمالا فإن إبرام اتفاقية المساهمين يساعد في تبسيط الإجراءات، حماية الخصوصية، وتوفير المرونة اللازمة لإدارة العلاقات بين المؤسسين بشكل فعال. لهذه الأسباب وغيرها، لا بد من وجود اتفاقية مساهمين مستقلة ومنفصلة ما بين الشركاء.
وبشكل عام، تعد اتفاقية المساهمين أداة قيمة لتحسين الإدارة وتوحيد الرؤية والأهداف وتحقيق الشفافية والعدالة بين المساهمين. ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية المساهمين لا تستبدل عقد التأسيس والنظام الداخلي، بل تكمله وتعززه.
ثالثاً: الكيان/الشكل القانوني للشركة الناشئة
إن مسألة الاختيار الصحيح للشكل القانوني للشركة الناشئة هو أمر في غاية الأهمية، وسنداً لقوانين الشركات في الدول العربية فإنها تنظم عدة أشكال من الشركات وسنشير إلى نوعين من هذه الشركات كونها الأكثر ملاءمة للشركات الناشئة، وهما: "الشركة ذات المسؤولية المحدودة"؛ و"شركة المساهمة الخصوصية".
وهنا لا بد من مراعاة اختيار الشكل المناسب للشركة ابتداءً وفقاً لتطلعات المؤسسين ورؤيتهم للشركة مستقبلاً؛ فمثلاً يُعد خيار الشركة ذات المسؤولية المحدودة (LLC) الأكثر ملاءمة لطبيعة ونشاط الشركة الناشئة التي تسعى للنمو والتطور على مر سنوات طويلة اعتماداً على التمويل الذاتي (Bootstrapping)، أو تلك التي ستعتمد على المِنَح والجوائز المالية لتمويل أنشطتها، أو التي تعتمد استراتيجية (Exit)؛ بينما يُعد خيار الشركة المساهمة الخصوصية الأنسب للشركات التي تسعى للحصول على تمويل جماعي (Crowdfunding) من العائلة والأصدقاء مقابل منحهم أسهماً ممتازة في الشركة، أو لتلك الشركات التي تسعى للدخول في جولات استثمارية والسعي لضم شركاء ومستثمرين في الشركة؛ وذلك لأن هذا النوع من الشركات يمكن تقسيم أسهمها إلى أسهم عادية وأسهم ممتازة، حيث لا يتمتع حَمَلَة الأسهم الممتازة بأي صلاحيات أو حقوق فيما يتعلق بإدارة الشركة أو التصويت على قراراتها، وهو الأمر الأنسب لأصحاب الشركات الناشئة.
مع الإشارة إلى أن بعض الأنشطة التجارية تستلزم وتبعاً للهيئات الرقابية أو سلطات الترخيص في كل دولة شكلاً آخر للشركة، كأن تكون شركة عادية عامة (شركة أشخاص).
وإجمالاً فإن الشكل/الكيان القانوني المناسب للشركة الناشئة يختلف من نشاط إلى آخر، وتبعاً للخطط المالية وخطط التوسع لأصحاب الشركة، ووفقاً للبيئة القانونية في الدولة؛ وبالنتيجة تبقى عملية اختيار الشكل القانوني الأنسب مرهونة بكل ظرف وحالة على حدة، مما يستوجب الحصول على مشورة قانونية متخصصة من محامٍ مختص بالشركات الناشئة.
خاتمة
إن تأسيس شركة ناشئة يتطلب أكثر من مجرد فكرة رائعة؛ فهو يحتاج إلى بُنية قانونية وتنظيمية متينة تحمي مصالح جميع الأطراف. ومن خلال إبرام الاتفاقيات التأسيسية المناسبة، يمكن للمؤسسين أن يضمنوا توزيعاً عادلاً للأدوار والحقوق، مما يُسهم في استقرار الشركة ونموها على المدى البعيد.
إذا كنتَ في صدد تأسيس شركة ناشئة أو تعمل حالياً على تطوير فكرتك، فإن استشارة محامٍ متخصص في الشركات الناشئة يمكن أن تكون خطوة حاسمة لضمان إعداد جميع الاتفاقيات بشكل صحيح ومتكامل.
مع تمنياتي لك برحلة تأسيس ناجحة ومثمرة!
احمِ مستقبل شركتك الناشئة من خلال الاتفاقيات القانونية الصحيحة!
لا تدع الشكوك القانونية تعيق نمو شركتك الناشئة! قم بحماية عملك، شراكاتك، واستثماراتك عبر اتفاقية المساهمين، مذكرة التفاهم، واختيار الهيكل القانوني المناسب.
✅ ضمان توزيع عادل للملكية والأدوار
✅ تجنب النزاعات والمخاطر القانونية
✅ جذب المستثمرين ببنية قانونية قوية
📩 احجز استشارة اليوم! لنؤسس معاً شركة ناشئة ناجحة ومحمية قانونياً.
إخلاء مسؤولية: ما جاء في هذا المقال لا يُعد استشارة قانونية مهنية، إنها مجرد نظرة عامة ومحطة للانطلاق. إذا كنت تريد معرفة المزيد حول الاتفاقيات المناسبة لأعمالك، يمكنك التواصل معي.
Comments