الملكية الفكرية في عالم التطبيقات: كيف تحمي ابتكارك؟ - المحامي محمود ترابي

في عالم اليوم المليء بالذكاء الاصطناعي والمتصل رقمياً بدرجة عالية، يُعد تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة صناعة مزدهرة. ونظراً للتنوع المذهل لمنصات التطبيقات، ومع سهولة الوصول إليها، أصبح من السهل على أصحاب الأعمال تسويق منتجاتهم وخدماتهم مباشرة لعملائهم من خلالها؛ حيث تعد هذه التطبيقات والبرامج أصولاً تجارية قيّمة ولا بد من حماية الحقوق الفكرية الخاصة بها.

قد تبدو قوانين الملكية الفكرية (IP) مُحيرة وصعبة الفهم في البداية؛ ولكن على صاحب الشركة الناشئة أو رائد الأعمال أن يأخذ بعين الاعتبار أن قوانين الملكية الفكرية تعتبر أمراً جوهرياً له ولأعماله.

يشرح هذا المقال الأدوات والوسائل والآليات الرئيسة التي يمكن استخدامها لحماية التطبيقات من سرقة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بها، وذلك باتخاذ عدة خطوات لحماية الأفكار، ابتداءً من المراحل الأولية وصولاً إلى إعداد التطبيق وإطلاقه بشكل نهائي. تابع معي لتتعرف على هذه الوسائل والآليات.

---

أولاً: البدء بإنشاء التطبيق (المفهوم الأولي/الفكرة الأولية):

بعد الانتهاء من إعداد الأبحاث حول فكرة تطبيقك، أصبح لديك تصور عام عن التطبيق ومحتوياته والوظائف التي سيؤديها. المرحلة اللاحقة هي البدء في برمجة وتصميم التطبيق، وهنا قد تحتاج إلى التعاقد مع مطوري برامج ليقوموا بكتابة الكود الخاص بالتطبيق وتصميم آلياته ووظائفه، فما الذي عليك فعله قبل اتخاذ هذه الخطوة؟

1.     اتفاقيات عدم الإفصاح (NDA / Non-Disclosure Agreements)

إن عملية إنشاء التطبيق في العادة ليست مهمة شخص واحد، فأنت بحاجة إلى مطوري التطبيقات والمبرمجين والمصممين وصناع المحتوى وغيرهم لإتمام العمل على أكمل وجه، وعليه قد تضطر للإفصاح عن بعض أو كل أسرار تطبيقك لمن سيتعاقدون معك سواء المطورين المستقلين (Freelancers) أو الموظفين الذين يعملون لديك، أو أي شخص آخر مثل المستثمرين وسماسرة الأعمال والمستشارين وغيرهم؛ تكمن الخطورة في أن يقوم هؤلاء بسرقة/انتحال أفكارك لأنفسهم أو بيعها لمنافسيك؛ وللحيلولة دون ذلك عليك أن توقع اتفاقية عدم إفصاح مع كل من تكون مضطراً إلى مناقشة أفكار تطبيقك معهم، بحيث تحتوي هذه الاتفاقية على بنود مُلزمة لهؤلاء الأطراف تمنعهم من الإفصاح عن أسرار التطبيق وأي معلومات بخصوصه لأي شخص آخر، والحفاظ على سرية المعلومات التي يطلعون عليها بحكم عملهم لديك أو تعاقدهم معك؛ وفي حال خالف أحدهم بنود هذه الاتفاقية؛ سيكون لك الحق بمقاضاتهم ومطالبتهم بالتعويض عن كافة الأعطال والأضرار التي لحقت بك جراء هذا الإخلال.

2.     اتفاقيات عدم المنافسة (NCA / Non-Compete Agreements)

كما رأينا سابقاً فإن اتفاقيه عدم الإفصاح (NDA) تمنع من يوقعها من الإفصاح عن أسرار التطبيق إما بشكل مطلق أو لمدة زمنية محددة، ولكن ماذا لو قام أحد المطورين المستقلين (Freelancers) بالعمل لدى منافسيك أو التعاقد معهم، أو ترك أحد الموظفين لديك العمل وانتقل للعمل لدى أحد منافسيك؟ إن من شأن ذلك أن يُعرَّضك لمخاطر كشف أسرارك ونقل المهارات التي اكتسبها موظفيك بالإضافة إلى كل ما تعلَّموه لديك من مهارات ومعلومات وموارد وأسرار تجارية إلى منافسيك، مما قد يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بك وبخططك التجارية!

هذا السيناريو متوقع بشكل كبير في عالم الأعمال، لذا ينبغي عليك ابتداءً اتخاذ الإجراءات اللازمة للحماية وذلك من خلال توقيع اتفاقية عدم المنافسة (NCA) مع كل من يعمل لديك سواء كمطورين مستقلين (Freelancers) أو الموظفين الذين يعملون لديك. واعتماداً على حساسية المعلومات السرية لديك وحجم الجهد المبذول في العمل تأخذ هذه الاتفاقية احدى صورتين، إما أن تكون اتفاقية كاملة مستقلة ومُفصَّلة، أو قد تكون على شكل شرط يُضاف إلى اتفاقية عدم الإفصاح (NDA) المشار إليها سابقاً، وإما أن تكون شرط يضاف إلى عقد العمل/عقد الخدمة الموقع مع الموظف أو المطور المستقل.

وتعتبر اتفاقية عدم المنافسة في حال مراعاتها للشروط المعتبرة قانوناً لإسباغ الصفة الإلزامية عليها وفقاً للنظام القانوني للدولة التي يتم فيها التعاقد اتفاقية مُلزمة، بحيث يوافق الموقعون عليها على ألا يستغلوا المعرفة أو المعلومات السرية من مشروعك سواء لحسابهم أو لحساب الغير؛ بحيث توفر الحماية لجميع أنواع المعرفة الخاصة، ليس فقط تلك المتعلقة بالمنتج، ولكن أيضاً قد تشمل قوائم العملاء والزبائن، وطرق وأساليب العمل، أو أي شيء يمكن اعتباره سراً تجارياً.

"ملاحظة: يرجى مراعاة أن هذا النوع من الاتفاقيات تختلف قيمته الإلزامية وشروط صحته وفقاً لكل دولة ونظامها القانوني، فبعض الولايات القضائية لا تعترف في هذا الاتفاق إلا بشرط مراعاته لعدد من الشروط التي تجعل ممارسته في حدود ضيقة جداً، وذلك حتى لا يشكل هذا التعاقد خرقاً لدستور الدولة الكافل للحق في العمل، وعليه ينبغي مراجعة محامي متخصص لصياغة بنود هذا الاتفاق"

3.     الحصول على حقوق ملكية الكود المصدري (Owning the Source Code)

إن توقيع الاتفاقيات السابقة تعتبر وسائل أساسية لحماية أفكارك من الانتحال والانتهاك، ولكن من المهم أن تعلم أن من يقوم بكتابة وتصميم الكود الخاص بالتطبيق هو المالك القانوني له حسب القانون، وعليه يبقى مطور التطبيق محتفظاً بحقوق الطبع والتأليف والنشر الخاصة بالكود حتى بعد إنجاز العمل لديك.

وهنا لا بد من اتخاذ خطوة في غاية الأهمية وهي أن تقوم بإلزام المطور بالتوقيع على تنازل عن كامل حقوق الطبع والتأليف والنشر الخاصة بالكود لصالحك، حيث يمكنك توقيع اتفاقية مع المطور تسمى على سبيل المثال "مطور مستقل غير موظف" بحيث تنص بشكل واضح على أن أي كود يُنشئه المطور المستقل هو "عمل مقابل أجر (work-for-hire)" مما يترتب عليه أن أي كود يطوره المطور المستقل لصالحك سيكون مملوكاً لك حصراً؛ وذلك من خلال تضمين هذا الشرط في الاتفاقية المشار إليها، أو من خلال الاتفاق على هذا التنازل بموجب اتفاقية مستقلة، عندها سيكون لك الحق بالاحتفاظ بشكل حصري بملكية الكود الخاص بالتطبيق والمحمي بحقوق الطبع والتأليف، مما يضمن عدم قيام المطور المستقل أو الموظف مستقبلاً بالادعاء بملكيته لحقوق الطبع والتأليف الخاصة بالكود.

ثانياً: مرحلة البدء في إنشاء التطبيق وخلالها (الملكية الفكرية في عالم التطبيقات):

1.     البدء بإنشاء التطبيق هو حماية لحقوق الطبع والتأليف (Copyrights)

وفقاً لمعظم قوانين حماية حقوق التأليف والطبع والنشر، فإن الأفكار التي يتم التعبير عنها بأي طريقة أو التي يتم حفظها في أي وسيلة من وسائل الحفظ، تحظى بالحماية القانونية بمجرد التعبير عنها بوسائل مكتوبة أو مرئية أو مسموعة قابلة للحفظ والتصنيف، وعليه فإن البدء بكتابة كود التطبيق وحفظه على جهاز الكمبيوتر الخاص بك هي بحد ذاتها حماية له بشقيها الجزائية والمدنية. ولكن تختلف قوانين حقوق الطبع والتأليف والنشر في بعض الدول، فعلى سبيل المثال تنص بعض القوانين على ضرورة قيام مالك حقوق التأليف بتسجيلها لدى الجهات المختصة كشرط لتوفير الحماية الكاملة لحقوق التأليف وفي حال مخالفة ذلك فإن الحماية تكون منقوصة (مثلاً: حماية حق النَسَبْ دون توفير الحق بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار). وعليه يلزم مراجعة محامي مختص في قوانين الملكية الفكرية في بلدك ليقدم لك المشورة القانونية الملائمة في هذا السياق.

2.     تسجيل العلامة التجارية والشعار (Trademarks)

في هذه المرحلة من المفترض أنه أصبح لديك اسم وعلامة تجارية (Trademark) أو شارة (Logo) أو ربما شعار (Slogan) أو مزيج منهم، بحيث تُميز هذه الأسماء والعلامات التجارية والشعارات منتجاتك عن منتجات الآخرين؛ وهنا عليك تسجيل العلامة التجارية و/أو الشارة و/أو الشعار الخاص بتطبيقك لدى مسجل العلامات التجارية/الجهة المختصة في أسرع وقت، وذلك لمنع أي شخص من انتهاك أو انتحال هذه الحقوق واستخدام هذه الأسماء والعلامات لحسابه الخاص.

3.     أخذ مسألة تسجيل براءة الاختراع بعين الاعتبار (Patents)

بخصوص تسجيل التطبيق كبراءة اختراع فإن هنالك جدال كبير حول هذه المسألة حيث تختلف كل دولة عن الأخرى في معايير قبولها لتسجيل التطبيق كبراءة اختراع، فبعض الدول تقبل بتسجيل التطبيقات كبراءات اختراع في حال توافرت فيها بعض الشروط اللازمة لذلك مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فيما ترفض دول أخرى هذا النوع من التسجيل وترفض اعتبار التطبيق براءة اختراع. وعليه فإن مسألة تسجيل التطبيق كبراءة اختراع محكومة بمدى انطباق شروط ومعايير التسجيل عليه حسب قانون كل دولة؛ وهنا لا بد من أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والسعي للحصول على المشورة القانونية الملائمة في الدولة التي ترغب بتسجيل تطبيقك فيها لما لهذه العملية من دور أساسي في توفير حماية بالغة لفكرتك ومنع الغير من تقليدها ومحاكاتها.

4.     حماية كل ما يتعلق بالتطبيق (حماية كامل القيمة)

إضافة إلى العلامة التجارية وحقوق الطبع والتأليف وبراءة الاختراع الخاصة بالتطبيق نفسه، قد يحتوي تطبيقك على أشكال أخرى من حقوق الملكية الفكرية التي تحتاج إلى حماية إضافية.

على سبيل المثال قد تحظى الموسيقى -التي قمت أنتَ بتأليفها أو الحصول على حقوق ملكيتها- التي تعمل في خلفية التطبيق الخاص بك على درجة عالية من الشعبية والشيوع لدرجة أن يتم استخدامها في صناعة مواد مسموعة أخرى، أو قد تصبح الرسوم أو الأيقونات المستخدمة في التطبيق شائعة جداً بحيث يتم استخدامها من الآخرين في أعمال أخرى، وغيرها الكثير من الأمور التي تضيف قيمة لتطبيقك، والطريقة الأمثل للاستفادة من هذه الموارد هي من خلال حماية الملكية الفكرية الخاصة بها.

حيث لا يكفي حماية التطبيق لوحده إنما عليك كذلك حماية كل ما يتعلق بالتطبيق وما يحتويه من رسومات وعلامات تجارية ونصوص ومصنفات فنية أو موسيقية أو تعليمية وغيرها من الأمور القابلة للحماية بموجب قوانين حقوق الطبع والتأليف والنشر.

ثالثاً: في حال حدوث انتهاك لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بتطبيقك

وَقعتَ كافة الاتفاقيات المذكورة، وسجلتَ حقوق الملكية الفكرية، وبعد أن أطلقتَ التطبيق على متاجر التطبيقات، تفاجأت بوجود تطبيق آخر ينتهك جزء أو كل حقوق الملكية الفكرية الخاصة بك، ماذا ستفعل حيال ذلك؟ وما الوسائل التي ستثبت من خلالها حقوقك؟

1.     إبلاغ متجر التطبيقات عن الانتهاك

توفر متاجر التطبيقات وسائل لحماية حقوق الملكية الفكرية، حيث كل ما عليك هو التواصل مع متجر التطبيقات من خلال الوسائل المتاحة لديهم لتقديم شكوى بخصوص أي انتهاكات لحقوقك، مع تقديم ما يؤيد ادعاءاتك بوجود الانتهاكات؛ بعد ذلك سيقوم المتجر بالتحقق من ادعاءاتك وفي حال صحتها، يقوم بحظر التطبيق المُخالف وإزالته من المتجر.

وقد يقدم الطرف الآخر ادعاءً بملكيته لهذه الحقوق ويقدم ما يؤيد أحقيته في التطبيق الخاص به وعدم اقترافه لأي انتهاكات، عندها سيقوم متجر التطبيقات بإبلاغك بذلك وبعد مراجعة طلب الطرف الآخر قد يقرر المتجر رفع الحظر عن التطبيق الآخر وإعادته إلى متجر التطبيقات.

للمزيد من المعلومات حول هذه المسألة عليك مراجعة سياسات متاجر التطبيقات حول انتهاكات حقوق الملكية الفكرية.

2.     الملاحقة القضائية أمام المحاكم

قد تكون بعض النزاعات حول قضايا الملكية الفكرية معقدة وتحتاج إلى الخبرة وتقديم الأدلة والبينات التي تؤكد ملكيتك لهذه الحقوق، عندها لا بد من اللجوء إلى القضاء وتقديم ادعاءات رسمية ضد منتهكي حقوق الملكية الفكرية الخاصة بك. في هذه الحالة عليك مناقشة المسألة مع محامٍ متخصص بالملكية الفكرية لتعرف ما هي حقوقك والتزاماتك وما هي خياراتك أمام القضاء.

الخلاصة

المنافسة في عالم التطبيقات كبيرة جداً، فمعظم الرياديين وأصحاب الأعمال يسعون إلى إنشاء تطبيقات فريدة تحظى بشعبية وتحقق لهم الأرباح، حيث تُعد تطبيقات الأجهزة المحمولة جزءاً من تقنية سريعة التطور، ويمكن تطوير هذه التطبيقات بوتيرة سريعة جداً. وكذلك تتطور تكنولوجيا الأجهزة المحمولة باستمرار، لذا فإن حماية الملكية الفكرية في عالم التطبيقات تظل مفيدة جداً للأعمال على المدى الطويل.

حيث قد يكون التطبيق مجرد جزء من النشاط التجاري، بينما في حالات أخرى يكون التطبيق نفسه هو النشاط التجاري. لذلك، إذا كنت تعمل في مجال إنشاء التطبيقات، أو إذا قمت بالتعاقد مع مطورين لتطوير تطبيقات لأعمالك، عليك الأخذ بعين الاعتبار أن هذه التطبيقات هي أصول قيّمة يجب حمايتها وصيانتها، كونها لا تقل أهمية عن الأصول الأخرى لأعمالك.

وفي جميع الأحوال تظل هناك حاجة ماسّة إلى اتباع استراتيجية مناسبة لحماية الملكية الفكرية لهذه الأصول؛ من أجل تعزيز سمعتك في السوق والتمتع بأقصى قدر من الفائدة دون القلق بشأن المنافسين الذين قد يكررون أو ينتهكون حقوق الملكية الفكرية الخاصة بتطبيقك.

---

احمِ مستقبل تطبيقك المحمول – قم بتأمين حقوق الملكية الفكرية اليوم!

تطبيقك ليس مجرد فكرة، بل هو أصل قيم يحتاج إلى حماية قانونية قوية. لا تخاطر بخسارة جهودك بسبب السرقة الفكرية أو التقليد أو المنافسة غير العادلة. اتخذ خطوات استباقية لحماية الكود، العلامات التجارية، حقوق النشر، وبراءات الاختراع قبل فوات الأوان!

✅ احمِ فكرتك من السرقة والتقليد

✅ ضمن ملكيتك لكود التطبيق بالكامل

✅ سجّل علامتك التجارية وحقوق النشر لحماية علامتك

✅ اتخذ إجراءات قانونية ضد منتهكي حقوقك

📩 لا تترك مستقبل تطبيقك للمجهول! استشر خبيراً في قوانين الشركات الناشئة والملكية الفكرية اليوم لضمان أقصى درجات الحماية لابتكارك.

إخلاء مسؤولية: ما جاء في هذا المقال لا يُعد استشارة قانونية مهنية، إنها مجرد نظرة عامة ومحطة للانطلاق. إذا كنت تريد معرفة المزيد حول الحماية المناسبة لأفكارك وتطبيقاتك، يمكنك التواصل معي.

المحامي: محمود ترابي